مقدمة

حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية هي مجموعة من الأنشطة ذات الأولوية والمنقذة للأرواح والتي يتعيّن تنفيذها منذ بداية الأزمة. يجب توسيع هذه الخدمات وتأمين استدامتها لضمان التغطية العادلة أثناء الأزمات الممتدة في الزمن وفترات الإنعاش بعد الأزمة، وذلك أثناء التخطيط لدمج الصحة الجنسية والإنجابية الشاملة في الرعاية الصحية الأولية في أقرب وقت ممكن.

تُعتبر حالات الإصابة بالمرض والوفيات المرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية من القضايا المهمة، وفي حالات الطوارئ الإنسانية تعاني النساء والفتيات، بشكل غير متناسب، من الظروف المهددة للحياة بسبب زيادة العقبات أمام الحصول على الخدمات الصحية. ¹لتجاهل الاحتياجات المرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية في الأوضاع الإنسانية عواقب وخيمة، بما في ذلك حالات الإصابة بالمرض والوفيات لدى الأمهات وحديثي الولادة التي يمكن الوقاية منها؛ العواقب التي يمكن الوقاية منها في حالات الحمل غير المقصود، مثل الإجهاض غير الآمن؛ حالات العنف الجنسي التي يمكن الوقاية منها والعواقب المترتبة عليها، بما في ذلك حالات الحمل غير المقصودة، وزيادة العدوى المنقولة جنسيًا، وزيادة عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، والمشاكل المستمرة في الصحة العقلية، بما فيها الاكتئاب.
تحدد حزمة الخدمات المبدئية الدنيا الخدمات الأكثر أهمية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية للوقاية من الإصابة بالمرض والوفيات، مع مراعاة حماية الحق في الحياة الكريمة في بيئات العمل الإنساني. بات احترام وضمان حقوق الإنسان الأساسية معيارا للجهات الفاعلة الإنسانية مدعومًا بالالتزامات القانونية الدولية، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. لجميع الناس، بمن فيهم المتضررون/ات من الأزمات، حق إنساني أساسي في الصحة الجنسية والإنجابية. لممارسة هذا الحق، يجب أن يُهَيَّأ للسكان المتضررين بيئة مؤاتيه وإمكانية الحصول على معلومات وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية حتى يتمكنوا من اتخاذ خيارات حرة ومستنيرة. يجب أن تستند حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية المقدمة خلال حالات الطوارئ الإنسانية على احتياجات السكان المتضررين من الأزمة، ويجب أن تحترم قيمهم/ن الدينية والأخلاقية وخلفياتهم/ن الثقافية، كما يجب أن تتوافق مع معايير حقوق الإنسان والمعايير الإنسانية الدولية.

على الرغم من كونه معيارًا معترفًا به دوليًا، أظهرت دراسات أجرتها مفوضية اللاجئات من وشركاؤها في 2003 ^{2, 3}و2004 ⁴و2005 ⁵أنه غالبًا ما يتم تجاهل تطبيق حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية أثناء حالات الطوارئ كما أن عدد قليل فقط من العاملين في المجال الإنساني على دراية بأهدافها وأنشطتها. منذ ذلك الوقت، تم إحراز تقدم في تعزيز الوعي بحزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية. في أيلول (سبتمبر) 2009 ، تم التوصل إلى اتفاق غرناطة من خلال مشاورة مشتركة بين الوكالات عقدها صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية والكلية الأندلسية للصحة العامة، مما جدّد الالتزام ووفّر إطارا للعمل. إحدى المكونات الرئيسية لاتفاق غرناطة توسيع نطاق التغطية العادلة لحزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية والحفاظ على هذه الخدمات في الأزمات الممتدة في الزمن وضمان استمراريتها طوال فترة الإنعاش مع دمج خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الشاملة عبر تعزيز النظم الصحية. ⁶أظهرت عمليات التقييم المشتركة بين الوكالات في 2007 و 2010 زيادة في الوعي بخدمات الصحة الجنسية والإنجابية ذات الأولوية المضُمّنة في حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية التي ينبغي تطبيقها؛ ولكن لم تكن الخدمات متوفرة بشكل منتظم. ⁷في 2013 و 2015، وجدت التقييمات المشتركة بين الوكالات لظروف الأزمات أن الخدمات المبدئية الدنيا للصحة الجنسية والإنجابية متاحة بشكل أكثر اتساقا، وزيادة في وعي المستجيبين بمعيارية حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية. ⁸ أظهرت دراسة مشتركة بين الوكالات لتقييم الصحة الجنسية والإنجابية في الأردن في 2013 ، تبعًا لتدفق اللاجئين/ات السوريين/ات، اعترافا متزايدا ودعما لحزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية عن طريق الدور القيادي القوي الذي تلعبه وزارة الصحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. كان التنسيق ملائمًا على المستوى الوطني وعلى مستوى المخيمات ولكنه لم يكن كافٍ في المدن حيث غابت مشاركة المستفيدين/ات ومعرفتهم/ن بتوفر الخدمات. ⁹
بعده بعامين، في التقييم الذي أجري في نيبال في 2015 بعد الزلزال، تم إحراز تقدم كبير؛ تأسست مجموعة عمل الصحة الجنسية والإنجابية (المجموعة الفرعية للصحة الجنسية والإنجابية) في غضون أيام من وقوع الزلزال، التمويل والمؤن كانت كافية، والوعي كان حاضرا بقوة لدى العاملين/ات في الحقل الإنساني بحزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية. تكمن العوامل الأساسية للنجاح في الالتزام والاستثمار في الصحة الجنسية والإنجابية قبل حدوث الأزمة، وتضمين حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية في أنشطة الاستعداد للأزمات، والتخزين المسبق للمجموعات المشتركة بين الوكالات من أدوات الصحة الإنجابية لحالات الطوارئ.

تضمنت العقبات الأساسية التي واجهت الاستجابة النيبالية لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية التباطؤ في تفعيل التنسيق على مستوى المقاطعة ونقص المعرفة المجتمعية بقضايا الصحة الجنسية والإنجابية، وما تتضمنها من فائدة مترتبة على التماس الرعاية وغير دراية بالمواقع الجغرافية التي تقدم فيها خدمات الرعاية للناجين/ات من العنف الجنسي والمصابين/ات بالالتهابات المنقولة جنسيا وفيروس نقص المناعة البشرية. في المرحلة اللاحقة للتقييم، وُضعت «خطة العمل الوطنية المحسوبة التكاليف لتنظيم الأسرة في نيبال» (2015-2020)، ونُظِّمت تدريبات مركزية وعلى نطاق المقاطعات على حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية وذلك لدمجها في خطط الاستعداد للكوارث والاستجابة لها. ¹⁰

هذه بعض من الأمثلة على الإنجازات التي تحققت على مر السنين نتيجة لضمان توفر حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية منذ بداية الاستجابة الإنسانية. وعلى الرغم من إحراز تقدم كبير، لا يزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهaود لضمان تنفيذها عالميًا في حالات الأزمات الحادة. برنامج التعلم عن بُعد على حزمة الخدمات المبدئية الدنيا المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية والذي وضعته مفوضية اللاجئات من النساء ومجموعة العمل المشتركة بين الوكالات حول الصحة الإنجابية في حالات الأزمات هو مرجع وأداة توجيهية بشأن التطبيق النوعي لحزمة الخدمات الصحة الجنسية والإنجابية المبدئية الدنيا وزيادة الوعي حول أهمية تلبية خدمات الصحة الجنسية والإنجابية ذات الأولوية في أوقات الأزمات.